متابعة – أمل علوي
بينما كان الاعتقاد السائد أن الذكاء الاصطناعي سيعزز من سيطرة عمالقة التكنولوجيا، تبدأ الآن معطيات جديدة بالظهور تشير إلى اتجاه معاكس. فبدلاً من أن يكون أداة لتركيز القوة، قد يصبح الذكاء الاصطناعي العامل الذي يفتت هيمنة “البيج تيك” ويدفع نحو عصر تنافسي جديد تزول فيه احتكارات كانت تبدو أبدية.
الاستثمار العملاق.. والعائد غير المضمون
تدفع شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “ميتا” و”جوجل” و”مايكروسوفت” مليارات الدولارات في سباق الذكاء الاصطناعي، لكن هذه الاستثمارات الضخمة تحمل في طياتها مخاطر كبيرة:
استنزاف هائل للسيولة: تكاليف بناء وتشغيل البنية التحتية لمراكز البيانات وتأمين الرقاقات الحديثة تأكل هوامش أرباح هذه الشركات.
عدم وضوح مسار العائد: حتى الآن، لم تثبت معظم خدمات الذكاء الاصطناعي قدرتها على تحقيق إيرادات تضاهي الاستثمارات الهائلة التي تُضخ فيها، مما يخلق ضغوطاً على المساهمين.
صعود المنافسين.. وكسر احتكار التقنية
لم يعد الذكاء الاصطناعي حكراً على الشركات العملاقة، مما أدى إلى ظاهرة تفتيت السوق:
شركات ناشئة متخصصة: ظهور شركات مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك” أثبت أن الابتكار يمكن أن يأتي من خارج جدران العمالقة، مجبراً إياهم على الدخول في شراكات دفاعية أو منافسة شرسة.
تقنيات مفتوحة المصدر: تسارع وتيرة نشر نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر يقلل من الميزة التنافسية التي كانت محصورة في نماذج الشركات الكبرى المغلقة.
التحدي التنظيمي.. وعبء الريادة
مع ازدياد التأثير المجتمعي للذكاء الاصطناعي، تجد الشركات العملاقة نفسها في مواجهة مباشرة مع الحكومات:
الرقابة والامتثال: تفرض الحكومات حول العالم أنظمة جديدة صارمة على تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من تكاليف الامتثال القانوني ويحد من حرية التوسع السريع.
مسؤولية المحتوى: تتحمل هذه الشركات مسؤولية قانونية وأخلاقية متزايدة حول المحتوى الذي ينتجه ذكاؤها الاصطناعي، مما يعرضها لخطر الدعاوى القضائية والغرامات الباهظة.
الاستنتاج: تحول جذري في مشهد القوة
الخلاصة هي أن الذكاء الاصطناعي، رغم كونه تقنية تحويلية، إلا أنه يعيد رسم خريطة القوة في عالم التكنولوجيا. إنه يستنزف الموارد المالية للعمالقة، ويفتح الباب أمام منافسين جدد، ويعرضهم لتدقيق تنظيمي غير مسبوق. القوة لم تعد متركزة كما في السابق، والضعف الذي تظهره هذه الشركات ليس في تقنيتها، بل في نموذج عملها التقليدي الذي لم يعد منيعاً في عصر الذكاء الاصطناعي.
هذا المحتوى تم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي









